1 Followers
23 Following
iddoumi

iddoumi

محمد رفعت الدومي يكتب : أم كوزكين علي عبد الناصر

 

أضاء الشيخ الشعراوي ملمحًا من صباه يومًا وحكي عن رجلٍ كان يتعمد إحراجه علي الدوام في مجالس القرية بأسئلة غريبة،

ذهب الشيخ إلي بيته يومًا، وهناك، عثر علي كتيبٍ مغلقٍ علي الكثير من تلك الأسئلة وأجوبتها التي كانت تكفي لإحراجه مئات المرات لولا الصدفة، وهو لم ينج فقط إنما استخدم الكتيب بعد ذلك كسلاح لصالحه، لقد حفظ كل الأسئلة وأجوبتها، وكان كلما حاصره الرجل بسؤال مثل:

- ما هو القبر الذي مشي بصاحبه يا شيخ أمين؟

تظاهر الشعراوي قليلاً بالاستغراق في التفكير قبل أن يجيب:

- حوت سيدنا يونس عليه السلام!

ويهلل المجلس!

لقد اختطف المعركة برمتها إلي ميدانه هو ولم يترك للرجل إلا الهامش الذي لا يسمح بالمناورة، إنما استقبال اللكمات فقط، عندما عرف الشيخ المصدر!

وفي واحدة من عنترياته الفارغة قال "عبد الناصر" يومًا:

- إن لم نجد سلاحا فسوف نحارب اسرائيل ومن ورائها بالنبابيت!

آنذاك، أفرطت أبواقه ومخابراته في إيهام القطيع بأن الذعر قد اندلع في عواصم العالم لاعتقادهم بتوصل المصريين إلي سلاح سري اسمه النبابيت، ولأنهم يتوقعون الغفلة، لم يبحثوا أصلاً احتمالية أن يسأل المصريون أنفسهم سؤالاً بسيطاً:

- لماذا لا يسأل الأمريكيون أحد المهاجرين المصريين عن الترجمة الإنجليزية لمفردة "النبابيت" في لغته الأم!

وفي سياق شديد الشبه، عندما قال عبد الناصر ردًا علي سؤال خبيث وجهه صحفي إنجليزي عن تأثير هزيمة 67 علي صحته:

- أنا مش (خرع) زي "إيدن" بتاعكم!

لم تفلت الشئون المعنوية الفرصة دون الدعاية لفشل ممثلي الإعلام العالمي في العثور علي مرادف ملائم لمفردة (خرع)، كما أسرفت كل الإذاعات المصرية في الضغط علي الحدث طويلاً، لقد كان العسكر في أضعف حالاتهم، لذلك، تجاوز السفه المبالغة إلي الإحالة عندما جعلوا بأساليبهم المطروقة الفنان "محمد طه" يتغني بتلك (الحكمة الناصرية) التي كانت تذاع علي كل الشبكات عشرات المرات يومياً:

(أنا مش خرع زي إيدن قالها ريسنا)

وطبعًا لازمة "محمد طه" الشهيرة:

- أووي أووي أووي يا عيني..

عنقود طويل من أغاني القاع التي تنتصب كعلامات طريق معتم لا يعني أكثر من دلالة هزيلة علي محنة الوعي حين يغيب، البطل ده من بلادي، أدب ومسامحة يا كفر مصيلحة، هو دا البطل اللي ضحي بالحياة!!

ولا أجد وصفاً لـ "عبد الناصر" ولا لمصر التي في خاطر كل العسكر أكثر عدالة من وصف الحاج "إبراهيم كروم" فتوة حي بولاق!

عندما علم "كروم" بموعد عودة "عبد الناصر" من مؤتمر بالهند ذهب إلي سيرك "إبراهيم الحلو" وطلب استعارة أسدٍ يركبه أثناء استقباله وقوبل طلبه بالرفض خوفاً علي حياة الناس، فاكتفي بأن يركب حصانه ويستقبله بموكب حاشد من أهالي بولاق وكتب علي أكبر لافتة في ميدان عابدين:

(إبراهيم كروم فتوة مصر يحيي جمال عبد الناصر فتوة العالم)

ما أصدق هذا التعبير العفوي علي ضخامته، فتوة الحارة ومنطقه، أنت آمن إذا تواريت في ظله الكبير وأنفقت عمرك في تبجيله والإشادة بكل حماقاته أو تموت، فتوة، لا يستمد شرعيته من الشعب أو الإنجازات إنما من الخداع والأوهام وقوة السلاح!

إنها اللا دولة بكل تجلياتها!

غابةٌ عقيدة إقطاعييها عارية جدًا لخصها "السيسي" في لحظة انسجام يتيمة مع أعماقه في جملة:

- حرية إيه وأنا مش لاقي آكل؟

ليس الفساد في مصر اعتباطيًا يا سادة إنما منظم، وما من شك أن هناك حكومة ظل وظيفتها حراسة بقاء الحياة الشاقة التي تخنق القطيع، وحراسة التعاسة في وجوههم حتي لا يجدوا وقتاً للتفكير في الخروج من ظلال السيد!

والآن، ما هو مصدر حكاية النبوت؟

كان "نيكيتا خورتشوف" متناقضًا، فهو لا يتورع عن التنكيل بقسوة بالذين كانوا يسمونهم أعداء الشعب، وهو أيضًا لا يخجل من أن يرتدي قميصًا أوكرانيًا مزركشاً ويرقص رقصة "جاباك" إرضاءًا لـ "ستالين" خلال حفلات الكرملين!

كان يهلل لكل خطوة يقدم عليها عندما كان حياً، وعندما مات وورث عنه مقعده اشتبكت معه مرحلة عصبية وهزلية من تاريخ الإتحاد كان من أبرز ملامحها تشويه صورة "ستالين"، وإهانة الفنانين التجريديين، وضرب "نيكيتا" منبر الأمم المتحدة بحذائه أثناء مناقشة الأزمة المجرية، كما وصفه "ماو تسي تونج" عند أول احتقان سياسي بين الحليفين بـ "الجزمة القديمة"!

قال ذات مرة لـ "نيكسون" نائب الرئيس الأمريكي آنذاك:

- سوف نريكم أم كوزكين!

عبارة من العامية الروسية تنبض بالسخرية والوعيد، وهي تشبه إلي حد بعيد في العامية المصرية: "فسحوه" أو "آخدك ورا مصنع الكراسي"، وهذا تقليد روسي شائع، يقولون أيضًا " قالت إذاعة أرمينيا" قبل رواية نكتة، ذلك أن الإذاعة الأرمنية في الخمسينيات كانت تطرح سؤالاً بسيطاً ثم تجيب عليه بطريقة غريبة، ولعلها تشبه عبارة "إسماعيل ياسين" في فيلم "ابن حميدو":

- إنتَ ما بتعرفش سويسي؟!

ولقد استغل الحزب الحكاية في الدعاية المضللة لمدي الذعر الذي انتاب الأمريكيين لأنهم لم يفهموا مَن هي "أم كوزكين"، وبمن يُهدِّدهم!

إنها المصدر الجذري لنبوت عبد الناصر المقلد!

كذلك..

كان "ماو تسي تونج" يتجول دائمًا في حقول الصين في زي بسيط، ولعل المصريين ما زالوا يتذكرون "حسني مبارك" في بداياته وهو يرتدي زي (قوي الشعب العاملة) ويتجول في زراعات "المنيب" ربما أو ضواحي القاهرة دون أن ينسي أن يضع منديلاً بائسًا بين رقبته وياقة القميص النص كم!

نفس الأدوات، نفس الأساليب، نفس الوجوه الباردة التي لا تتفاعل، ونفس الكتيب الذي نحفظ الآن جيدًا كل فصوله!

المضحك، أن بعض الموظفين لا يخجلون من ارتداء ذلك الزي حتي الآن، المدرسين خاصة!

وبعد كل فوضي الكلام العارمة هذه أجدني الآن أميل أكثر من أي وقت مضي إلي تصديق عبارة "عمر سليمان" الشهيرة:

- المصريون غير مستعدين للديمقراطية!

مع ذلك، هم جميعًا غرف انتظار للديمقراطية لكن كهدية من الإخوان المسلمين، لقد ارتفعت أسوار الخوف ارتفاعًا صادمًا!

محمد رفعت الدومي

محمد رفعت الدومي يكتب : جمهورية الريكشا المحتضرة

تعرفت علي الريكشا لأول مرة في رواية الأرض الطيبة للأمريكية "بيرل بَك"، تبدأ الرواية مع إكراه هائل، ويصل عنفها إلي نقطة الذروة عندما يهاجر الفلاح "وانج لانج" من شمال الصين فرارًا من المجاعة. ويضطر في الجنوب إلي العمل بجر الريكشا، حتي في ذلك الوقت المبكر من العمر صغير المدارك بدا لي أمرًا مهيناً أن يجر إنسانٌ عربة يستقلها إنسانٌ مثله. وقدرت لو أن "وانج لانج" اختار كامرأته وأبنائه التسول وسيلة للحصول علي قوت يومه لكان أكرم له، ووجدتني أتسائل مع "بيرل":

- متي ترحم السماء "وانج لانج" ويعود إلي أرضه الطيبة التي اضطره إلي الهجرة منها إلي الجنوب القحط والمجاعة؟

اختزنت ذاكرتي اللوحة التي رسمتها الكاتبة في ركن خاص بأبشع مظاهر العبودية وأكثرها بدائية، بمرور الوقت، عندما وفرت لي القراءة فرصة الدخول إلي الكثير من الرحاب البعيدة، اكتشفت أن حكومة طوكيو عام 1870 هي التي أعطت تصريحًا إلى مخترعي الريكشا ببنائها وبيعها، وأن أصل الكلمة في اللغة اليابانية يعني: عربة تسير بقوة الإنسان. اكتشفت أيضًا أنني، ككل مصري خارج دائرة حفنة من العائلات الفظة، مهما بذلت من الجهد، سوف لا أختلف كثيرًا عن "وانج لانج". أنا أيضًا عامل ريكشا يستقلها أناس منتفخوا الأوداج، أبنائي أيضًا سيقومون بأدوار حيوانات الحقل في عالم توقف عن استعمال الإنسان في الأعمال التي يتوفر للقيام بها حيوانات، بالإضافة إلي كل هذا. اكتشفت أن الفقر وحده ليس هو ما يبقي علي استمرارية الريكشا إنما إرادة متعمدة لإدارة العبودية في وطن يسطو علي مقدراته قلة يتملكها شعور مضلل بحق السيادة على الآخر, وتجد المتعة في إذلاله. وعلي هذه الخلفية، كنت أرتاب في سلامة عقول الذين يتحدثون عن مقترحات للسير إلي الأمام في أي مجال في ظلال هذه الصيغة العرجاء. ذلك أن وطناً يراد له أن يعيش وفقاً لشروط مجتمعات القرون الوسطي يجب أن يكون في المؤخرة، أو علي أقل تقدير أن يكون متجمدًا كأنه في درع، وسطاً مؤاتيًا للشرور والآلام الهائلة، ليس الإنسان هو الذي يكبر ويتعاظم إنما التعاسة والبؤس والألم. رحم صالح لتنمية العفن, حتي تصير الرائحة استدارة الدنيا، ولون الحداد دائرة الحياة. يسقط جسد فآخر، حلم فآخر، والريكشا باقية لا تصدأ في انتظار بطون تدفع بالكثير من العبيد والقليل من السادة الجدد!

قد يري البعض وصف مصر بالريكشا تصويرًا بالمفهوم الضيق للواقع، غير أنه نقل حرفي لصورة وطن لا وجود للإنسان فيه. حتي بعض المتأنقين الذين يعتقدون أنهم من السادة، ليسوا في حقيقة الأمر سوي أهداف مشروعة لأقصي درجات التنكيل عند حاجة أصغر مسلح إلي القيام بنزوة. مع ذلك، من الإنصاف أن أقول أن المصري منذ استوطن هذه الأرض المنكوبة وهو عامل ريكشا. ربما ساهمت أخلاق المجتمع الزراعي في استدارة هذا الوضع وتكريسه، الجديد.. أنه، قبل الستينية المسلحة، كانت جسور الانتقال من طبقة إلي أخري متوفرة، وكان بإمكان أقل المصريين شأناً أن يوفر لأبنائه فرص الترقي إلي طبقة أعلي. معظم صناع تاريخ حقبة النصف الأول من القرن الماضي كانوا أبناء فلاحين أو أعيان أو تجار أو فقراء، قائمة طويلة إن كان يصعب حصرها، فلا أقل من أن أذكر أسماء بعض اللامعين منهم، مثل: "محمد عبده" و "أحمد لطفي السيد" و "سعد زغلول" و "مصطفي كامل" و "عباس العقاد" و "طه حسين". لكن، مع انقلاب عبد الناصر انهارت فجأة كل الجسور بين الطبقات وأصبح الوطن بتوكيل لم يعطه لهم أحد تعبيرًا محميًا علي الذين يرتدون الزي العسكري ومن يعيشون علي حوافهم فحسب. حتي العلم صار بلا قيمة، والثروة أيضًا ما لم يكن لهم منها نصيب..

لقد حاول كتاب كثر تبرئة أقلامهم وتعرية هذا الوضع بحذر شديد وإذابته رموزاً علي الورق كان أشهرهم "نجيب محفوظ"، مع ذلك، لقد وضع نفسه في موضع الخفة واللامبالاة. فلقد كان لمعظم فتوات الحارات منطق وخطوط حمراء، وكان لبعضهم مواقف مشرفة ضد المستعمر، وكانوا يرددون مع "عنترة بن شداد" قوله:

وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي / حتى يُواري جارتي مأْواها

هذا السياق يفرض رواية مصورة ومشهورة عن "اعتماد خورشيد"، واحدة ممن جعلهم "صلاح نصر" علي مقربة. لقد ألقي بطبيب من الطابق العاشر حين ساومه علي زوجته فرفض أن يطلقها!

"ثروت أباظة" أيضًا حين استعان بالرمز وكتب (شئ من الخوف) كان متساهلاً، لقد كان لـ "عتريس" قلب ينبض بالحب، غير أن عواطف هؤلاء صماء. لا تعنيهم مصر ولا يعرفون أهلها الطيبين الذين لا يحلمون بأكثر من قاع كريم. لكن، لحسن الحظ، ما زال درس يناير قائمًا في الذاكرة، وأعني بالدرس هنا ألا نقف عند حدود الإدراك أو عدم الإدراك، بل أن نعتني بالأفكار المغلوطة والمنحرفة مثلما نعتني بالأفكار السليمة؛ لقد بدأ المصريون يتمردون سرًا علي التعريف السطحي لمفردة الوطن. فإن معظم التاريخ هو ذاكرة الخيانة، ولا يمكن أن تكون حقيقة هذه الذاكرة قد مرت حتي علي عقول البسطاء دون أن تترك وعيًا جديدًا. وهذه هي أكبر أخطاء انقلاب 3 يوليو، وتلك حدوده أيضًا، لقد وضع الجيش المصري والشعب لأول مرة في علاقة شديدة التوتر ومرشحة للانهيار التام في أي وقت، وعلي الرغم من وعي النظام بهذه الحقيقة، ربما لجهله بوسائل التغلب علي هذه المأساة، ما زال مُصرَّاً علي ألا يضع نفسه قبل فوات الأوان في وضعية الندم والعمل علي ترميم ما انكسر قبل أن ينهار كل شئ، ولا يجد المصريون أطلالاً حتي يبكون عندها!

لقد فقدت كذبة "الجيش حمي الثورة" كل مراجعها، وأدرك غالبية المصريين، الشباب بصفة خاصة، أن ثورة يناير هي التي أطلقت المصريين من السجن فأعادهم العسكر إليه مرة أخري. هي التي وضعت الريكشا أمام المصري، فغرروا به وزينوا له أن يقودها علي هذه الوضعية المغلوطة إلي الماضي، دون أن يدور ببالهم أن التاريخ يؤكد أنه دائمًا ما يكون ثمن سحق ثورة أفدح آلاف المرات من ثمن التماهي معها وهضم شروطها. مع ذلك، ما زال في الوقت متسع لبداية جديدة، فبلسمة الجراح وإطفاء الندوب ما زالت ممكنة إذا توفر الوعي بشروطها وتوفرت الرغبة في تجاوز هذا العار، لصالح مصر قبل كل شئ، والرهان علي حصانة اللحظة حماقة، فهذه الحصانة لم تبلغ من الهشاشة سقفاً أعلي مما هي الآن، ولم يكن هامش المناورة أضيق رقعة في أي وقت مضي مما هو الآن، والتعويل علي ضمور مظاهر الثورة حماقة أكبر، فالمصريون الآن ليسوا مصريين حقبة عبد الناصر مرورًا بحقبة السادات حتي 24 يناير 2011، وليسوا وحدهم، لا أتحدث عن الأمم المتحدة فأنا أحب "كافكا" وأصدق كلامه حين تنبأ مبكرًا بوظيفتها فقال:

- عصبة الأمم ليست عصبة للشعوب، بل مركزاً للمناورات وللتفاعل بين مختلف المصالح..

كلها صيغ تديرها من وراء الستار حكومات وول ستريت المتعاقبة التي تترك لرؤساء الدول والحكومات مهمة تسلية الحشود، ووقت هذه الحكومات أثمن من أن تبذره في التفكير في آلام المقهورين، ما أقصده بالضبط أن المجتمعات الحرة مع المصريين!

كان تقدير العالم في البداية أن الصراع سيكون بين الإسلاميين والعسكر، لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن في حسبان أحد، لقد ظهر جليًا أن سلسلة الضربات المتتالية التي وجِّهت إلي الإسلاميين جعلتهم رمادًا، أقصي ما يستطيعون فعله حتي الآن هو الكفاح ضد الغربة في صميم الغربة نفسها. مع ذلك، وبرغم أن أحد طرفي النزاع قد مني بالهزيمة الساحقة لم تستقر أمور الطرف الآخر، ذلك لأن الصراع قد اتخذ شكلاً آخر ومسارًا غريبًا. لقد اندلع أو يتهيأ للإندلاع داخل البيت المتمسك بالولاء للماضي نفسه، وظهرت بوادره المنذرة بالخطر في رسائل أحمد شفيق قبل عدة أيام، لقد عادوته الحُمَّي بوصفه أحد الأضلاع الهامة في دولة "المِعَلِّمين" وأظهر نوعًا من شهوة السلطة، وكأني به يهتف:

- آن الأوان ترحلي يا دولة الصِبيان..

قالها بكل وضوح، بل امتازت مرامي كلماته بأكثر من وضوح، وهو قادر علي نشر الفوضي في المليون كيلو متر مربع من أقصاها إلي أقصاها، فمريدوه لا يمكن اختزالهم في عشرين مليون حتي، ولقد استفاد من ماضيه في مصر للطيران، واستفاد أكثر من مظاهر التسيب في ملامح وجهه وأسلوب حديثه، فهو يبدو للكثيرين رجلاً كما يقول المصريون "سبهللة" أو "ألَّلاوي"، ما يجعل المشهد الآن شديد الشبه بمشهد جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية بين ممثل دولة مبارك وممثل الثورة، وهذا هي المكيدة المرتبة بعناية من وراء رسائل "شفيق" الأخيرة، غير أن رد النظام حين أُرسِل من سيناء بدا ارتجاليًا ومبتذلاً ومتهورًا، تتمثل أبسط مظاهره في توريط الجيش أعمق في حرب انصرافية من الممكن إطفائها بحلول بسيطة، الأمر الجدير بالاهتمام في هذه المواجهة هو أن وطناً أصبح صندوقاً لتبادل الرسائل بين عدة أفراد لابد أن يكون مقبلاً علي كارثة، وما يجعل وتيرة الخطر أكثر عصبية هو أن صراع النظام مع كل الأطراف صار خارج وتيرة التعقل، حيث لا صوت يعلو فوق صوت ذاكرة الانتقام من كل الذين شاركوا في توجيه الرمح الذي انغرس في صدر رعونة نظام "مبارك"، وإذا استمر هذا السعار الأمني علي نفس الدرجة من الحدة، فإني أري بملامح شديدة الحيوية وكأنها الواقع نفسه أن المسألة مسألة وقت سوف تنمِّي خلاله أعماق المصريين استعدادًا كاملاُ لدفع ثمن استعادة إحساس الهواء الطلق، وستصبح المعادلة شديدة البساطة، جدًا:

- إما 89 مليون عامل ريكشا أو 90 مليون حر..

حتي يجئ هذا الوقت، لا يريد أحد من هذا النظام سوي قدر من التهدئة يسمح بمساحةٍ تتحرك فوقها محاولات جدية قد تتمخض عن مصالحة شاملة وعادلة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن الذي انهار كثير، وهولُ اللحظة التاريخية هذه المرة أكبر من أدوات أي نظام ليس معه كل شعبه، وقد ينبت الفينيق من تحت الرماد فجأة كما تقول الأسطورة، وإذا كنت أظن أن صقور هذا النظام سيحافظون علي نفس الإيقاع العنيف حتي يصبحوا في النهاية فرادي وسط زحامٍ من الموتورين وطلاب الثأر فلأن هذا علي الأرجح هو الصحيح..

محمد رفعت الدومي

محمد رفعت الدومي يكتب : الشيخ أبو المجد

كان أبي يزيِّن ذكري الأجداد بعقدٍ من الليالي الساهرة يمتد بطول أيام شهر رمضان، يدور محورها الأساسيُّ حول الإستماع إلي تلاوة القرآن والثرثرة في أحوال الدنيا بين تلاوة وتلاوة، بالإضافة إلي استغلال روحانية الشهر في تذويب الخلافات التي تنشب غالبًا بسبب حدود الأرض، وتربية المزيد من أواصر النسب..

تتبدل وجوه المقرئين كل عام، وتبهت ألوان الجدران، ويحترق الكثير من ذكرياتنا العائلية بموت بعض رجالنا ونسائنا، ويتهيأ الكثير من ذكرياتنا العائلية المؤجلة بميلاد أطفال رجالنا ونسائنا، وتفقد النجوم الأليفة وضوحها، وذلك الطقس العائليّ صامدٌ في مكانه..

تلك التحولات الحولية في وجوه المقرئين الوافدين، وذلك الاختلاف بين لهجاتهم، جعلتنا نحن الصغار نلمس بوضوح بساطة الأشياء، لقد كانت المسافة البعيدة علي الدوام بين بلدتنا والبلاد التي ينتمي إليها المقرئون تقتضي أن يشاركونا طقوس حياتنا شهرًا كاملاً، ينفقون النهار في متاهات النوم، ويرفعون في المساء حناجرهم إلي سقفٍ متواضع من جريد النخل بآياتٍ ينزحونها من بئار يحسبها الناس عميقة، ثم يعودون إلي بلادهم قبل ساعات من عتبة العيد البهيجة محملين بالكعك والحلوي والفول السوداني والأجر المتفق عليه بعد حسم العربون المدفوع سلفاً، ويتركون فينا الكثير من الانطباعات الجديدة، ويتركون لنا الكثير من الذكريات المشتركة التي نظل نستعيدها علي مدار العام، واسم مقرئ ذلك العام لا يغادر أحاديثنا، بل يتسرب وجهه إلي أحلامنا أيضًا..

كانوا يأتون لليلة أو لليالٍ في أوقات أخري من العام تزييناً لمناسبة طارئة، أو مخططة، فيكون اللقاء حارًا، والوداع أيضًا..

وككل أول لابد له من آخر، داهمنا عامٌ تسلق فيه حنجرة السهرة غرابٌ فانهار بفضله ذلك التقليد تمامًا، لم يكن أبدًا مسك الختام، ولا بشوش الوجه كالذين سبقوه من المقرئين الحقيقيين، بل كان مخلوقاً مشئومًا وغريبًا ومغلقاً علي نفسه، لقد اكتشف الكبار منذ سحور الليلة الثانية من الشهر أنه شخص غير ودود، لا يحترم أسلوب حياتنا في رمضان، فهو لا يأكل اللحم في السحور ويكتفي بتناوله علي الإفطار فقط، وهذا يعني ألا قيمة لـ 29 مائدة تعبت نساء كثيرات في تجهيزها وفق جدول زمني يراعي أن تشترك كل بيوت العائلة في سحور المقرئ وإفطاره، هذه الشراكة كانت تمثل بالنسبة إليهم مصدر بهجة يريد هذا المخلوق تجفيفه، فأي بومة ألقت به علي طقسهم السنوي؟

أتذكر أن انخفاض حالة أبي المالية قد بدأ في ذلك العام تحديدًا، ومما هو في حكم المؤكد أنَّ التحاق الشيخ "أبو المجد" بأسوأ رمضان شهدته كان تعقيبًا ركيكاً علي ضيق ٍحال بين أبي وبين أن يحجز أحد المقرئين المجيدين في الوقت المناسب، لقد ذهب هو وأحد أعمامي الأزهريين لاختبار صوته في مسجد بالمدينة، وبرغم عدم ارتياحهما لأجراس صوته العشوائية، اتفقا معه كنوع من حماية العادة من الانهيار لا أكثر..

كان عاملاً كالعديد من أهل البلدة بمصنع الألومنيوم، لذلك، عندما علم رجال العائلة بهذا الأمر ركلوه خارج تقديرهم، هم لا يحبون أحدًا يهجم علي مسارات الآخرين، لكن وجوده كان أجمل من عدم وجود مقرئ علي أية حال لولا أنهم تنبهوا منذ الليالي الأولي إلي عبارة تتردد تحديدًا في تلاوته كلَّ ليلة، بل كلَّ تلاوة في الليلة، حتي "عبد العاطي" الذي لا يفهم شيئاً في أي شئ، ولا يركعها، شعر بتكرارها واختبأت في ذاكرته، وربما ازداد بزمالة الشيخ في العمل وعيًا بإحساس الندية، وفيما بدا أنه اندفاع وراء ذلك الإحساس، قال للشيخ كأنه يلومه:

- إيه يا شيخ أبو المج الحكاية دي؟ كل ليلة فاصفح الصفح الجميل فاصفح الصفح الجميل، يا شيخ عايزين حتة من يوسف!

ضحك رجالنا وأطفالنا حتي دمعت أعينهم، لقد باح "عبد العاطي" تمامًا بما يدور علي ألسنتهم ويمنعهم الخجل من الإفصاح عنه، انفجر سلام الشيخ فجأة واضطرب، وسرعان ما تذمر كالعبيد، لقد دلي رجليه وحشرهما في حذائه ثم خرج غاضبًا وهو يقسم علي الرحيل، وصار المكان فجأة مثل جزيرة عائمة من صخب، لقد التف حوله كثيرون يحاولون إطفاء غضبه وثنيه عن الرحيل، ما أدهشني أن أبي واجه تهديده علي غير العادة باللامبالاة التامة، لم يتململ في جلسته حتي، غير أن نظراته كانت مسلطة علي ظهر الشيخ بازدراء مسموع، وارتفعت أصوات الخائفين من انهيار الطقس بالتوسل والتبرير:

- أمانة عليك يا شيخ أبوالمج، صاحبك وعشمان، عيضحك معاك والله، أيام وتتقضَّي يا مولانا، واهو رمضان وقع، باقي سبعة وعشرين يوم ويعدّوا، وصباح الخير يا جاري، إنت في حالك وانا في حالي!

لست أدري كم من الوقت، وكم من الجهد تبدد قبل أن يتراجع الشيخ عن قراره، دون أن يدور بباله أنه كان يعود نحو الأسوأ..

أتذكر أن العمل في نهار رمضان كان شاقاً، حتي أن إتمامه علي وجه لائق يعتبر فعلاً إضافيّاً يستحق الشكر، شحن أعواد القصب في عربات شركة السكر بشكل خاص، يتلاشي عند الظهر ذلك الحيز الداخليُّ لطاقة الشحانين تمامًا، وتزداد تدريجيًا عضلة العطش صلابة، وتزداد أعصاب أبي عراءًا، فيضيق لأتفه الأسباب، بل يصنع الذرائع لاستدراج فريسة يفجر فيها غضبه!

لا يتمكن الشحانون عادة من القيام بإيداع كلِّ أعواد القصب في العربة قبل أن يداهمنا جرار الشركة، يصيح الجرار من بعيد فتشتعل العزائم فجأة..

يكون السائق في العادة مرناً، يتوقف بالجرار علي بعد لائق ويشير إلي الشحانين بمتابعة العمل، غير أنه، مخافة تخاذلهم وانطفاء عزائمهم، لا يطفئ الجرار أبدًا، يطلق صافرته من آن لآن أيضًا، فيحيطنا أبي بالتوترات، وينهر العاملين الأصغر سناً إذا تراخوا في جمع أطراف الأعواد الساقطة، "البوَّال" في لهجتنا..

وذات ظهيرة شديدة الغربان، في مثل هذه الظروف، حدث أن رأي أبي الشيخ "أبو المجد" من بعيد عائدًا من عمله، يتصنع الوقار وتيه الشيوخ، فأشار إليه بكل ذراعه وصاح بأعلي صوته:

- قدِّم قدِّم يا شيخ ابو المج!

عندما أصبح الشيخ علي مقربة، قبل أن يرميه بحجره المقصود، انحني أبي يجمع البوال وهو يقول:

- أمانة لمّْ لك بوِّالتين مع العيال يا شيخ أبو المج!

ضربني تلك اللحظة إحساسٌ بالخجل من تصرف أبي غير اللائق، وازددت وعيًا بضراوة ذلك الإحساس عندما رأيت وجوه الشحانين تكاد جلودها تنفجر بفعل استحواذ الضحكات المحتجزة، وتمنيت أن يتذمر الشيخ ويعترض ويسب ويلعن، لكنه لم يفعل!

أتذكر أيضًا أنَّ جَمَلَا لنا نفق في ذلك الشهر المريب، فردّ أبي نفوقَ فقيدنا الطيب إلي: (فقر) الشيخ "أبو المج"!

لقد أدركت أن أبي أبدًا لم يصفح الصفح الجميل عن الشيخ، ولم ينس أبدًا عقده العزم في ليلة "عبد العاطي" علي تفريغ رمضاننا من مقرئ كاللامقرئ علي أية حال..


محمد رفعت الدومي

محمد رفعت الدومي يكتب : آينشتاين في هوليوود

 

 

الممثل الإسباني "خوسيه لويس دي فيلالونجا"، عندما أسعده الحظ بصداقةٍ مع النجمة "أودري هيبورن" وعائلتها تحول من نبيل إسباني مستهتر إلي أحد نجوم هوليوود، وهناك، علي يد أول مخرج عمل تحت إدارته تلقي درسه الأول، قال له جادًا:

- ضع يديك معقودتين خلف ظهرك واتخذ هيئة الأبله، تماما مثل الأمير "فيليب" زوج ملكة بريطانيا وهو يسير خلفها!

في وقت متأخر من حياته أساء "خوسيه" لسمعته بنفسه عندما اعترف في: "مذكرات غير موثوق بها"، بأنه كان يعامل زوجته الأولي بقسوة، وبأنه عندما رآها تنام أثناء حفل زفافهما قضي تلك الليلة في بيت دعارة بين أحضان عاهرة فرنسية!

في الجزء الثالث من هذه المذكرات حكي "خوسيه" أن شركة "بارامونت" أقامت علي شرف البروفيسور "آلبرت آينشتاين" عشاء كوكتيل دعت إليه عددًا كبيرًا من نجوم هوليوود، كان في "لوس أنجلوس" لإلقاء محاضرة في الجامعة، وروعي في اختيار هوليوود كمكان للعشاء مع مشاهير هوليوود تلبية رغبة الضيف نفسه، والعهدة علي "خوسيه"، وحسب تقدير "خوسيه" أيضًا، ربما كان "آينشتاين" يشعر برغبة قوية في رؤية هذه الكائنات الغريبة عن قرب!

وإني، لضياع مصدر هذه الحكاية، سأعتمد علي ذاكرتي فقط في سردها..

وقف النجوم في انتظار وصول أكبر عباقرة القرن العشرين في خشوع ولهفة، لكن، عندما ظهر اعتقد بعضهم أنه الكوميديان الأمريكي "جروشو ماركس"، وأثناء مروره، حدث أن بعض النجمات فشلن في السيطرة علي ضحكاتهن، وبقي الرجال المتأنقون مثل "فريد أستير" و "كاري جرانت" للحظةٍ في ذهول، كان يرتدي بنطلونًا رماديًا من الفلانيل عليه بقع كثيرة في كل مكان، وسترة سوداء تآكل لونها عند الأكمام من كثرة الاستعمال حتي صار رماديًا، معلقة بها سلسلة سميكة، يستر قدميه بحذاء علي غرار أحذية عمال المناجم لم ير الورنيش منذ شهور، ومن جيبٍ من جيوب السترة كان يطل نصف قبعة، برغم هذا، استطاعوا القفز سريعًا فوق انطباعاتهم السابقة عنه قبل رؤيته والتفوا حوله مشدوهين، كانوا لا يصدقون أنهم علي مقربة من الرجل الذي توصل إلي طريقة لتحطيم الكوكب، وكان هو يحدق في الوجوه بانفعال طفل صغير وبرائته، وتوقف بنظراته طويلاً فوق وجه النجمة "كاثرين هيبورن"!

بعد زيارة عدة بلاتوهات شهدت إطلاق النار في أفلام ذائعة الصيت أتت لحظة الاستعداد لتناول العشاء، وفجأة، أصيب كل الحاضرين بالذهول، لقد رأوا أغرب منظر يمكن أن يروه في حياتهم!

شب النجم "جيسون روباردس" علي أطرف أصابعه وأشار في ذهول إلي "آينشتاين" وهو يضع علي فخذيه طبقاً من السمك المدخن ويتحدث كصديق مع "فرناندو لاماس"، وساد الصمت للحظة مشوبة بقلق سؤال اندلع في أذهانهم جميعًا!

- هل من الممكن أن يجد "فرناندو لاماس" و "آلبرت آينشتاين" صاحب القدرات الذهنية اللا محدودة، شيئاً يتحدثان فيه؟

كان الممثل الأرجنتيني قد حقق نجاحًا كبيرًا مع بعض النساء لكن الذين عرفوه جيدًا عرفوا أنه يتمتع بقدر لا بأس به من الغباء!

عندما قال "فرناندو لاماس" في النهاية لـ "آينشتاين" وداعًا، أشار إليه "جيسون روباردس" بكل ذراعه، عندما اقترب منه بخطوات كسولة، اقترب منهما الكثيرون لعلهم يجدون تفسيرًا لما أثار دهشتهم قبل قليل، وسأله "روباردس" في انفعال:

- ماذا كنت تقول لآينشتاين؟

رفع الممثل الأرجنتيني حاجبين مزججين بدقة، وتسائل:

- "آينشتاين"؟! من هو "آينشتاين"؟!

فقال "جيسون" وهو يحبس غيظه:

- بروفيسور "آينشتاين"، الرجل العجوز الذي كنت تتحدث معه قبل لحظةٍ مضت!

أضاءت وجه "فرناندو" ابتسامة كبيرة، وقال في لا مبالاة:

- آه، ما يسمى "آينشتاين" يشبه طبيب أسنان والدتي! لقد بدا بالنسبة لي يهوديًا!

عندما استشعر "خوسيه" أن "جيسون" علي وشك توجيه لكمة إلي وجه "لاماس"، تدخل بسرعة:

- "فرناندو"، ألم تقرأ ما كُتِبَ في الدعوة الموجهة إليك؟

- لم أُدع، لقد حضرت مع "دين مارتن"!

- "فرناندو"، من فضلك أخبرنا بما دار بينك وبين "آينشتاين" من حديث!

بدأت الدائرة تضيق حول الممثل الأرجنتيني الذي سكب كأسًا من الويسكي قبل أن يقول:

- حسنا، أنت تعرف، يا له من كلام رجل مخرف! قال لي إنني محظوظ جدًا لأن أكون ممثلاً لأنني دائمًا محاطٌ بالنساء الجميلات اللاتي يمكنني أن أقبلهن وأمارس معهن الجنس في أي وقت، تخيل! البسطاء يثيرون اشمئزازي دائمًا! ولقد أوضحت له ألا ينخدع بالمظاهر وأن لكل عملةٍ وجهها الآخر، وأن لا شئ في مهنتي يدفع أحدًا للرغبة في احترافها، وأنه في هذا العالم كل شيء نسبي!

في هذه اللحظة، تململ "مارسيل داليو" دون أن يترك موضعه، وصاح "جيسون" بصوت رنان:

- أنت، "فرناندو لاماس"، قلت للبروفيسور "آينشتاين": في هذا العالم كل شيء نسبي؟!

- حسناً، نعم! ووافقني تمامًا! لأنه قال لي إن لديه أيضًا نظرية حول ذلك، يا له من عجوز مخرف!!

بعد سنوات، والعهدة علي "خوسيه"، عندما كان "بيرون" رئيسًا للأرجنتين، أراد تعيين "فرناندو لاماس" وزيرًا للثقافة، لأن تقارير حكومية شكلت ملفاً ضخمًا حول صداقته الحميمة مع البروفيسور "ألبرت أينشتاين"!

محمد رفعت الدومي

"أقوال محمد رفعت الدومي"

قد نلومُ الوداعَ حين يغيبونَ ولو أنصفْنا للُمْنا اللقاءا

اسهار بعد اسهار - محمد رفعت الدومي

http://mybook4u.com/%D8%A3%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%89/%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%A9/download/5765-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A5%D8%B3%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A5%D8%B3%D9%87%D8%A7%D8%B1-pdf-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A7